التربية والتعليم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قليل من ضوء

اذهب الى الأسفل

قليل من ضوء Empty قليل من ضوء

مُساهمة من طرف Admin السبت يوليو 14, 2007 5:47 am

ظل أسلوب "نادش" المصور الفوتوغرافي تسود فيه الظلال والظلمة, يحتار له الناظر فيظن أن نادش لا يهتم كثيرا بإضاءة مواضيع صوره حتى تصير واضحة جلية. ونادش لا يعبأ بحدوث خيال الظل في صوره, فلا يحرص على اجتنابه. ولا يحرص على اجتناب الظلمة, مع أنه لا يجد فيها ما يستهويه كثيرا, لذا فانه لم يصور أبدا ظلا بطريقة درامية.

الضّوء هو إذا موضع اهتمامه, لكنه ضوء مقدر تقديرا محكما وبكميات محسوبة. إن الضوء عند نادش قوة عظمى, على المصور أن يتعامل معها بحذر. فإذا أطلق للضوء العنان ولم يضع لانتشاره حواجز, اخل هذا الضوء بالسلام العالمي وكون ظلالا كثيفة داكنة, تحجب قسما من الواقع حجبا تاما, فالضوء الساطع يخلق البلبلة ويتحالف مع الفوضى. ويذكر نادش انه كلما اضطر في معمله إلى تسليط الضوء القوي على رأس زبون لأخذ صورة تظهر الوجه, أحس كأنه "يلطخ" وجه ذلك الزبون بالضوء تلطيخا.
الضوء الذي لم يكبح يحجب أكثر مما يظهر, ويدخل على الأشياء بتعسف. أما الضوء الذي يشق طريقه في الظلمة بصعوبة, فانك تراه "يلمس الأشياء, ويرسمها, ويخرجها من الظلام". ويكتب نادش أن اهتمامه بهذا الضوء أشد من اهتمامه بما يضيء من أشياء, ويسرد من ظواهره: "شعاع الضوء, وحزمة الضوء التي تحدد الشيء. الضوء المتفكك, والتقاء الضوء بالظلمة, والحواف الساطعة."

ينتهي بيتر نادش الى استنتاج فوتوغرافي غريب, وهو ان العالم لا يحتمل الضوء الا بقلة, فالحذر لازم في استخدامه. رأيه هذا معاكس تماما للقواعد الفوتوغرافية السائدة..

التقط معظم الصور في المجر في أعوام الدكتاتورية الشيوعية, وقد يفسر هذا اراء نادش غير العادية في الضوء والظلمة. فالضوء ليس بالضرورة رمز الخير في بلاد لمبات الاستجواب, وظلمة الليل تفقد وحشتها عندما تساعد على الستر والتستر. وفي نظام دكتاتوري يحظر على رعاياه بقسوة كل شيء خاص, كره نادش ان يسلط مزيدا من الضوء على الناس. فصوره مظلمة لانه يريد حماية الناس. وهو حريص على توجيه اهتمامه الى كل ما هو باق دون متناول روح العصر السياسية. ينقل لنا, بدون نقد وبلا تكبر, صورا من عالم كثير التخلف, شديد الجمود. مواضيع الصور قليلة, تكرر مشاهد يومية متواضعة: سكان القرية في العمل, وسكان القرية في الحفلات, وفي البيوت, وفي الحانات, وفي الشوارع. فاذا تحول نادش الى المدن, صور اكثر ما يستهويه فيها: اماكن منعزلة مستقرة الهدوء, ومشاهد المألوف المتكرر تكرر الطقوس. بيد انه ينقل أيضا ما يوحي بمشاعر الغربة, فالرجل الذي يمر بالة التصوير ليس الا خيالا, والقدم الواقفة بجسارة على الدرج هي في الحقيقة قدم برونزية, كل شيء يبدو غريبا..

قليل من ضوء Lum_ca10


منقول عن مجلة "فكر وفن"
Admin
Admin
Admin

عدد الرسائل : 107
تاريخ التسجيل : 05/05/2007

http://walidhelali.jeeran.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى